الخميس، 16 أبريل 2015

تعريف مفهوم الهجرة والمفاهيم المرتبطة بها


عمر يحي أحمد 
* باحث و متخصص في دراسات الهجرة 
جامعة الزعيم الأزهري كلية العلوم السياسية والدراسات الأستراتيجية


    يُعد مفهوم الهجرة من أبرز المصطلحات التي كثر وشاع إستخدامها في وسائل الإعلام المختلفة والدراسات العلمية المتخصصة ويبدو إن لهذا الكلمة عُدة دلالات ومعاني كما يبدو إنها تتداخل مع مجموعة من المصطلحات والمفاهيم الآخري علي هذا الأساس يتضح إن من مستلزمات عملية إجراء البحوث هي دراسة الظاهرة من جميع جوانبها مع تحديد وآضح ودقيق لمصطلحاتها ، فغالباً ما يمثل عدم تحديد مفهوم المصطلحات أحد أبعاد مشكلة الظاهرة أو ما يطلق عليه اسم إشكالية فقه المصطلح .

أولاً : الدلالة اللغوية للهجرة

    جاء في المعجم الوجيز إن كلمة الهجرة مشتقة من الفعل الثلاثي ( هَجَرَ ) التي تعني تباعد ويقال : هَجَرَ الشخص الشئ أي تركه وأعرض عنه ، و (هَاجَرَ) الشخص ترك وطنه ، اما كلمة ( هَجّرَ ) فلان نقله من موطن إلي موطن آخر ، و( المُهَاجَرُ ) موضع المهاجَرةُ ، اما كلمة ( الهِجْرَةُ ) فتعني إنتقال الناس من موطن إلي آخر.

اما كلمة الهجرة في مختار الصحاح لابي بكر الرازي فقد جاءت علي المعاني الأتية :
-      الهجر ضد الوصل .
-      الهجرة والمهاجر من أرض إلي أرض أي ترك الأولي بالثانية .
-      التهاجر التقاطع .
-      الهَجرة ( بفتح الهاء ) تعني الهزيان .
-      الكلام المهجور يعني الكلام الباطل.

     جاء في القاموس المحيط إن الهجرة اسم من الفعل هجر يهجر وهجراناً ويقال هجر المكان أي تركه والهجرة هي الخروج من أرض إلي أخري ومفارقة البلد يتضح من خلال المعاجم العربية السابقة إن كلمة الهجرة إشتقت من الفعل الثلاثي ( هجر ) بمعني تباعد كما تمثل عملية الإشتقاق اللغوي العنصر الأساسي لتحديد المعني الحقيقي لكلمة الجهرة وتدخل في هذه العملية عمليات الإعراب وموقع وتشكيلة الكلمة، وقد جاءت في القراءن الكريم بعُدة صيغ .
 حملت كلمة الهجرة أو هاجر (Migrate ) في اللغة الانجليزية ثلاثة معاني مختلفة وهي :

-      الإنتقال من مكان إلي آخر وبخاصة من دولة أو إقليم أو محل سكن أو إقامة إلي مكان آخر بغرض الإقامة فيه .
-      الإنتقال بصفة دورية من إقليم إلي آخر .
-      ينتقل أو يتجول (To Transfer )


ثانياً : الدلالة الإصطلاحية :

   يتضح إن من الصعب إيجاد مفهوم دقيق للهجرة ؛ ترجع هذه الصعوبة بالأساس إلى تعدد المفاهيم المقدمة من طرف الدول لإختلاف الأغراض والأهداف التي ترمي إلى تحقيقها  وبشكل عام ينظر إلى الهجرة على إنها عبارة عن إنتقال البشر من مكان إلى آخر سواء كان هذا بشكل فردي أو جماعي لأسباب قد تكون سياسية ، إقتصادية ، إجتماعية ، نفسية ، وعليه يمكن التمييز بين المفاهيم الأتية :

§        الهجرة
     تعرف الهجرة بأنها عملية إنتقال أو تغير دائم أو شبه دائم في مكان إقامة الفرد أو الجماعة من مجتمع أو منطقة إعتادوا على الإقامة فيها (تعرف بمنطقة أو مجتمع المنشأ) إلى مجتمع أو منطقة أخرى (تعرف بمنطقة أو مجتمع المقصد) إذا كانت كل من منطقتي المنشأ و المقصد داخل حدود دولة واحدة فتعرف الهجرة بالهجرة الداخلية. أما إذا كانت منطقتي المنشأ و المقصد في دولتين مختلفتين فتعرف الهجرة بالهجرة الخارجية. و للهجرة الداخلية أنواع عديدة من أبرزها:
-      الهجرة من الريف إلى الحضر.
-      الهجرة نحو المناطق الزراعية .
-      الهجرة من مزرعة إلى مزرعة أو من الريف إلى الريف.
-      الهجرة من منطقة إدارية إلى منطقة إدارية .
-      الهجرة الموسمية و الهجرة العائدة و هي العودة إلى الريف لمن سبق لهم الهجرة منه


§       الهجرة الشرعية

      يشير مصطلح الهجرة الشرعية  إلى الحركة السكانية التي يتم فيها إنتقال الفرد أو الجماعة من الموطن الأصلي إلى وطن جديد يختاره لأسباب عديدة وبطرق مشروعة ، اما رقية العاقل فتري بان الهجرة الشرعية هي " تلك التي تنصرف إلي الفئة التي تقوم بإحترام و الإلتزام  بالإلتزامات و الشروط الموضوعة من قبل الدولة المتواجدين بها، و الخاصة بدخول و إقامة الأجانب"، حيث يتضح إن الهجرة الشرعية تمثل الإتجاه المعاكس للهجرة غير الشرعية على إمتداد التاريخ البشري شكلت الهجرة  تعبيراً على رغبة الفرد والجماعات للتغلب على الظروف الصعبة والهروب من الفقر وبدء حياة جديدة قد توفر لهم الحق في العيش الكريم من جانب أخر أدى التطور السريع لوسائل الإعلام و الاتصال و المعلومات إلى زيادة عدد الأفراد الراغبين في الإنتقال إلى أماكن أخرى توفر لكل فرد درجة من التقدم والرفاهية  كإنعكاس أول للعولمة الليبرالية في كثير من البلدان .

    عرفت ظاهرة الهجرة الشرعية  تغيرات مهمة في أشكالها مثل : (هجرة  الرجال  ، النساء ، الشباب ، العمال ، المعلمين ، الأطباء ، ، ... الخ ) و أساليب تحقيقها ( التحرك المباشر ،التوافق أو التحايل على القانون  ، واللجوء السياسي  ، طلب المنح والتأشيرات ... الخ ) لأزم ذلك إتساع أسواق العمالة وتميز المجتمعات بالطابع العالمي وإتساع الهوة بين دول الجنوب والشمال ، فالهجرة حسب العديد من المهتمين والباحثين، ظاهرة تاريخية ساهمت في إعمار الأرض، وربما ستساهم في إعمار الكون الممكن للحياة فوقه، وهي تلعب دوراً مهماً في تلاقي مجموعات بشرية متنوعة الثقافات، مما يسمح بالتلاقح الثقافي وبناء حضارة إنسانية مشتركة .

يحدد العلماء عدد من الشروط والمتطلبات الأساسية التي تتميز بها الهجرة الشرعية وهي :
-      يجب إن تستند علي اُطر قانونية والاُسس التي تحددها الدول .
-      إن تكون الهجرة عبر المنافذ والطرق التي تحددها الدولة .
-       إن تكون الهجرة بعلم مسبق للسلطات داخل الدولة وإن لا يهاجر الفرد متخفياً .
-      إن تكون الهجرة بواسطة وثائق ومستندات حقيقية غير مزورة .
-      أن يصل المهاجر إلي الدولة المهاجر إليها عبر المنافذ والطرق التي تحددها .
-      عن توافق الدولة المهاجر إليها علي إستضافة الشخص المهاجر .
-      إن لاتتخطي فترة الإقامة المدة الزمنية المحدد أو تتجاوز الغرض الأساسي الذي من أجله تمت الهجرة

§       الهجرة غير الشرعية

     هنالك كثير من المصطلحات التي تستخدم للإشارة إلي الهجرة غير الشرعية مثل : الهجرة السرية ، الهجرة غير القانونية ، الهجرة غير النظامية ، حيث تُعرف  بأنها «هجرة مواطنين أجانب إلى بلاد في ظروف يكونون فيها غير مستوفين للشروط القانونية للإقامة في ذلك البلد»، لذا تصبح الهجرة غير الشرعية تدل علي خروج الفرد أو مجموعة من الأفراد من دولهم بطريقة غير مشروعة سواءً كانت عبر منافذ غير مخصص لذلك أو عن طريق منافذ مشروعة عبر وثائق مزورة.

   تُعرف المفوضية الأوروربية الهجرة غير الشرعية بإنها هي كل دخول عن طريق البر أو البحر أو الجو إلي إقليم دولة عضو بطريقة غير قانونية أو بوثائق مزورة أو عن طريق شبكات الإجرام المنظمة  أو من خلال الدخول بطريقة قانونية بموافقة السلطات بالحصول علي تأشيرة ومن ثم البقاء بعد إنتهاء الفترة المحددة أو تغير غرض الزيارة دون موافقة السلطات، يعتبر هذا التعريف من أكثر التعريفات قبولاً في كثير من الدراسات كما يتميز بإنه تعريف شامل لجميع طرق الهجرة غير الشرعية ويتضح من هذا التعريف والتعريف السابق بإن الهجرة غير الشرعية تتمثل في ثلاثة أشخاص يمكن إن تطلق عليهم صفة الهجرة غير الشرعية وهم :

أولاً : الأشخاص الذين يدخلون بطريقة غير قانونية إلى دول الإستقبال ولا يوفقون وضعهم القانوني.
ثانياً :  الأشخاص الذين يدخلون دول الإستقبال بطريقة قانونية ويبقون بعد إنقضاء مدة الإقامة القانونية.
ثالثاً : الأشخاص الذين يقومون بتغيير موقفهم القانوني الأساسي) .

§       المهاجر غير الشرعي

يُعرّف المهاجر غير الشرعي بأنه «ذلك الأجنبي الذي يدخل بلداً غير بلده، بغير إذن من حكومتها، أو يبقى فيها بعد إنتهاء تأشيرة دخوله  أو رحيل فرد أو مجموعات من الأفراد خارج البلد بصورة غير قانونية خارج نطاق ما يسمح به القانون الدولي بحثاً عن سبل حياة كريمة ومستقبل أفضل، حيث ينتهك المهاجر القوانين والتشريعات التي تسمح له بالتنقل ويخالف النظم الدولية المتعارف عليها بطلب تصريح دخول أو فيزا لتشريع الإقامة أو تصريح العمل

ثانياً : الهجرة و المفاهيم ذات الصلة :
§       اللجوء
إستمدت كلمة اللجوء إصولها من مصدر الفعل لجأ، يقال: لجأ إلى الشيء والمكان يلجأ لجأ ولجوءاً وملجأ، بمعنى لاذ به وإعتصم، قال ابن فارس: "اللام والجيم والهمزة: كلمة واحدة، وهي اللجأ والملجأ: المكان يلتجئ إليه، يقال: لجأت والتجأت"
     يقال : ألجأت أمري إلى الله، أي أسندت، ولجأت إلى فلان وعنه والتجأت وتلجأت إذا إستندت إليه، وإعتضدت به، أو عدلت عنه إلى غيره، وألجأه إلى الشيء: اضطره إليه، وألجأه: عصمه، والتلجئة : الإكراه، والملجأ واللجأ -محركة- المعقل والملاذ  يقصد باللاجئ هو الأجنبي الذي يجد نفسه في بلد آخر غير البلد الذي هو مواطن فيه ، نتيجة تعرضه للإضطهاد بسبب الجنس ، القومية ، أو تابع لتجمع ما ، أو بسبب الإعتناق الديني أو السياسي سواءً كان الإضطهاد من قبل حكومة  أو من قبل جهة أخرى

   يعتبر الشخص لاجئ أيضاً إذا لم  يكن له بلد ويجد نفسه في بلد آخر غير البلد الذي سكن فيه بسبب ما تعرضه له من إضطهاد مع رفض العودة إليه ، فاللجوء حسب إتفاقية الأمم المتحدة التي وقعت عليها أكثر من 130 دولة  والتي تسمى إتفاقية جنيف ، هو " الشخص الذي لديه مبررات أن يكون خائفاَ بسبب الإضطهاد الذي يتعرض له في بلده للأسباب التالية :
-      الجنس ، رجل أم امرأة .
-      القومية . كردي ، سرياني ، آشوري ، كلداني ، تركماني.
-      تابع تجمع ما .
-      ذو إتجاه سياسي أو يحمل أيديولوجية معينة.
-      إعتناقه دين أو مذهب ، شيعي ، سني ، كاثوليكي ، قبطي ، برتستانتي ...الخ
-      الأشخاص الذين بحاجة إلى حماية هم الأشخاص الذين تركوا بلدانهم للأسباب التالية:
 أولاً : عقوبة الإعدام أو التعرض للتعذييب .
 ثانياً : بحاجة إلى حماية بسبب الحرب أو نكبة بيئية تسود البلد .
 ثالثاً : أو بسبب إنساني خاص كالإصابة بمرض خطير لم يحصل على علاج له في بلده
الشروط التي تنطبق على اللاجئ تتمثل في إفتقار اللاجئ إلى حماية بلده الأصلي أو إنه لا يتمتع بتلك الحماية وتطبق على:
- الأفراد الذين لهم موطـــن .
- الأفراد الذين لا مواطنة لهم .
  يرى بعض الباحثين ضرورة توافر أربعة شروط في الشخص حتى يمكن إعتباره لأجئاً من وجهة نظر القانون الدولي وهي :
أولاً: إن يوجد الشخص خارج إقليم دولته الأصلية، أو خارج إقليم دولته المعتادة، إذا كان من الأشخاص عديمي الجنسية، وهو شرط النزوح .
ثانياً: إن يكون الشخص غير قادر على التمتع بحماية دولته الأصلية، سواءً لإستحالة ذلك بسبب حرب أهلية أو دولية، أو لرفض الدولة تقديم الحماية لهذا الشخص، أو لأنه غير راغب في التمتع بهذه الحماية؛ لخوفه من الإضطهاد، أو تعرضه لمثل ذلك الاضطهاد.
ثالثاً: إن يكون الخوف من الإضطهاد قائماً على أسباب معقولة تبرره .
رابعاً: يتعين ألا يقوم في مواجهة اللاجئ أحد الأسباب التي تدعو إلى إخراجه من أعداد اللاجئين، وهي التي ذكرتها المادة الأولى من إتفاقية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووصفتها بأنها أسباب خطيرة تدعو لإعتبار الشخص قد إرتكب جريمة ضد السلام، أو جريمة حرب، أو جريمة ضد الإنسانية، أو كان قد إرتكب جريمة غير سياسية خطيرة خارج دولة الملجأ، وقبل قبوله فيها بوصفه لاجئاً أو كان قد سبقت إدانته بسبب أعمال منافية لأهداف الأمم المتحدة ومبادئها.
يتضح إن  الـفقه القانوني يميز بين إصطلاحيين للاجئين :
أولاً : الذين لا وطن لهم والذين يفتقرون إلى حماية .
ثانياُ : اللاجئين الذين لا يتمتعون بحماية بلدهم الأصلي .

§       اللجوء السياسي

عرف معهد القانون الدولي اللجوء السياسي بإنه الحماية التي تمنحها دولة فوق أراضيها، أو فوق أي مكان تابع لسلطتها، لفرد طلب منها هذه الحماية فحق اللجوء حماية قانونية تمنحها الدولة لشخص أجنبي في مواجهة أعمال دولة أخرى ، وهو ما يعني وروده على خلاف الأصل العام في العلاقة بين الدولة ومواطنيها ؛ ولهذا فإنه لا يمنح إلا لضرورة تقتضيه ويتحدد نطاقه بمداها، ويبدو من خلال متابعة التطور التاريخي لهذه المفهوم إنه مفهوم قديم قد تعرفت علية البشرية منذ تاريخ بعيد إلا إنه شهد تطوراً وإنتشار كبير وأصبح من أهم الظواهر المعاصرة مما حدي بالقانونيين والإتفاقيات تناوله ومحاولة ضبطه ، حيث تمثل الجوانب السياسية من أكثر الجوانب التي تحتاج إلي تقنين فقد جاءت في بنود إتفاقية عام 1951 م التي تبنتها الدول المستقلة في ذلك الوقت و المتعلقة بوضع اللاجئين تعريف اللاجئ بإنه شخص " يوجد خارج بلد جنسيته، بسبب خوف له ما يبرره
من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الإنتماء إلى طائفة إجتماعية معينة، أو إلى رأى سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف، أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد
 يعد الجانب السياسي أحد أبعاد مفهوم اللجوء و وصف اللاجئ على الأشخاص الذين يضطرون إلى مغادرة بلدهم الأصلي بسبب الخوف من الإضطهاد ، ... أو الآراء السياسية، ولم تتضمن الأشخاص الذين يفرون من أوطانهم بسبب الخوف على حياتهم نتيجة نشوب حرب أهلية مثلاً، أو نتيجة عدوان خارجي، أو إحتلال، أو سيطرة أجنبية، ولذلك وسعت إتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لشؤون اللاجئين لعام 1969 تعريف اللاجئ " ليشمل الأشخاص الذين يضطرون إلى مغادرة دولتهم الأصلية بسبب عدوان خارجي، أو إحتلال أجنبي، أو سيطرة أجنبية أو بسبب أحداث تثير الإضطراب بشكل خطير بالنظام العام في إقليم دولة الأصل كله أو في جزء منه.
 فاللاجئ السياسي هو: الشخص الذي تمكن من الهرب من العسف والإضطهاد والفرار من الظلم والعدوان، ولجأ إلى مكان آمن، أو إلى من يستطيع أن يحميه ويدافع عنه فاللاجئ أجنبي موجود على إقليم دولة، لكنه أجنبي غير عادي، فهو أجنبي قاصر؛ لأنه لا يتمتع بحماية أو مساعدة أية حكومة، وغياب الحماية الوطنية ينتج من رفض السلطات لهؤلاء الأفراد، أو لرفض الأفراد أنفسهم لذلك السلطات، ومن ثم يستفيد اللاجئون بصورة عامة واللاجئون السياسيون بصفة خاصة من قواعد الحماية المقررة لهم في الإتفاقيات الدولية، بالإضافة إلى تمتعهم بمجموعة من الحقوق التي قررتها الوثائق الدولية، بحيث تضمن لهم المعاملة الإنسانية، وحمايتهم من الإضطهاد الذي فروا منه
إن حق اللجوء السياسي هو قديم تاريخياً فقد كان سنة الأنبياء مع أقوامهم وأممهم، وممن يرى ذلك  محمد الزحيلي حيث عرّف اللجوء السياسي بأنه: "حق الإنتقال إلى بلد لا يحمل جنسيتها، وذلك لأهداف سياسية ينادي بها، أو يضطهد من أجلها ، يري كثير من العلماء المسلمين بأن هذا المفهوم قد ورد في القراءن الكريم وهو أحد الظواهر التي تحدث عنها الإسلام
§       النزوح :

    جاءت كلمة النزوح في المعاجم العربية من الفعل نزح أي بَعُد ويقال : نزح فلان أي إبتعد والبلد النازح هي البلد البعيدة يعرف النزوح بأنه حركة الفرد أو المجموعة من مكان إلى آخر داخل حدود الدولة , ويتم النزوح رغماً عن إرادة النازح بسبب مؤثر خارجي مهدد للحياة كالمجاعة أو الحرب أو الجفاف والتصحر أو أي كوارث أخرى تدفع الفرد إلى النزوح و مغادرة موقعه والتوجه إلى موقع آخر ، اللاجئ غير النازح مع تساويهما وتشابههما في السياق والدوافع ويبدو إن الفرق الجوهري هو إن النازح لايعبر الحدود الدولية.

§       تهرييب البشر
    نشأت ظاهرة التهريب البشري بعد الحرب العالمية الثانية مع تطور سيادة الدول على أراضيها و معابرها البرية والبحرية، وقد نشطت حركة التهريب البشري في الدول الفقيرة ذات الأعداد السكانية المتزايدة وذات معدلات الفقر المرتفعة ويعني تهرييب المهاجرين "تدبير الدخول غير المشروع لشخص ما إلى دولة أخرى ليست موطنا له أو لا يعد من المقيمين الدائمين فيها، من أجل الحصول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مالية أو  منفعة أخرى، تقوم بالتهريب البشري عصابات تبحث عن الأرباح الطائلة مستغلة الأزمات الإقتصادية والحروب و الكوارث التي تصيب المجتمعات الفقيرة وبعض الدول النامية.

    يتضح من خلال إستعراض المفاهيم السابقة ؛ إن الهجرة مفهوم متعدد الأبعاد متداخل المفاهيم فهو يشير إلي ظاهرة مجتمعية مركبة ومتعددة الأبعاد ، فهى ليست نتاج لعوامل محلية وإقليمية فقط وإنما هي أيضا نتاج لأبعاد عالمية ، حيث لعبت العولمة دوراً مباشراً فى هذه الظاهرة حيث تفاعل العالمى مع الإقليمى والمحلى بشكل مباشر ليشكل ويحدد ملامح الظاهرة بوضعها الحالى فعندما وضعت الدول الأوربية قواعد صارمة للحد من الهجرة ، وتقلصت أسواق العمل العربية  وظلت البطالة مستمرة .

    نتج عن ذلك تفاقم ظاهرة الهجرة غير المنتظمة وتأثر بها المجتمع تاثيراً يستحق الدراسة والمعالجة ووضع الآليات المناسبة للمواجهة ، فهي بما تحتويه من هجرة للمهارات والكفاءات التى تمثل أحد أهم مقومات التنمية على المدى القصير والبعيد ، فالشباب هم صانعى التنمية والتنمية أعدت من أجلهم ، وبالرغم من إختلاف مفهوم الهجرة عن بعض المفاهيم الإ إن هذه المفاهيم في مجملها لاتخرج عن الآثار التي تخلفها الهجرة كما وصفها  الدكتور مصطفي حجازي في كونها  " تمثل هدر للطاقات والكفاءات الطازجة ، وهذا الهدر له آثاره على بناء المجتمع ونمائه وعلى صحة إنسانه وعافيته النفسية ، وعلى الأمـن الإجتماعى "      .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق