الخميس، 16 أبريل 2015

الهجرة غير الشرعية في القانون الدولي


* عمر يحي أحمد 
* باحث ومتخصص في دراسات الهجرة / جامعة الزعيم الأزهري كلية العلوم السياسية والدراسات الأستراتيجية 
     
عرفت المجتمعات البشرية عبر مختلف الحقب التاريخية ظاهرة الهجرة بالإنتقال من منطقة لأخرى و من قارة لأخرى حتى و إن إختلفت البواعث و الأسباب، كما أن نظرة الدول من خلال تشريعاتها تختلف في التعامل مع هذه الظاهرة التي أصبحت تستدعي جهوداً دولية مشتركة من أجل الحد منها، من جهة وحماية المهاجرين من الإستغلال البشع من طرف شبكات المهربين من جهة أخرى ، إذ تعد الهجرة أحد عناصر النمو السكاني و جزءًا من حركة الأفراد داخل الحدود القومية وخارجها ومكوناً رئيسياً و ثابتاً لتاريخ المجتمعات البشرية، ، بما إن القانون الدولي يستمد أحكامه من العرف الساري بين الدول في المعاملات والمعاهدات التي تعقد لها قوتها وسلطانها(1) فمن هنا أصبح القانون الدولي هو الذي يصوغ وينظم الهجرة سواءً كانت هجرة شرعية أو غير شرعية ، مثل : الأمم المتحدة ، الوكالات الإقليمية والدولية المتخصصة ، منظمة العمل الدولية(2) .

     شهدت ظاهرة الهجرة بصورة عامة و الهجرة غير الشرعية تزايداً كبيراً نحو الدول الكبري أو تلك الدول التي تميزت بتحسن في أوضاعها المادية فأصبحت الهجرة  تعد من القضايا التي تهم كافة دول العالم  ولم تعد ظاهرة  الهجرة غير الشرعية تمثل مشكلة طرف وأحد بل أضحت مسألة تعني جميع الدول مما يستدعي العمل الجاد للبحث عن حلول لها، و هذا ما يعطيها في الوقت الراهن الأولوية في السياسات والعلاقات الدولية التي أصبحت ترتكز في الأساس علي مبادئ حتمية أو ما يطلق عليها ( حقوق الإنسان )  ويجعلها من النقاط الساخنة و ذات الأهمية الكبرى في المداولات التي تجري بين دول الشمال والجنوب ؛ نظراً لحدة هذه المشكلة التي أصبحت تهدد أمن كثير من الدول، فإستلزمت هذه الظاهرة وضع إستراتيجية دقيقة لمحاربتها واُسس وقوانين للتقيدها منها مع توفير الوسائل اللأزمة للقضاء عليها أو على الأقل للحد منها بتوحيد الجهود و العمل المنسجم و الشامل للتحكم في كافة العوامل التي تحرك هذه الظاهرة .

     إن الهجرة غير الشرعية تمثل ظاهرة جديدة في الساحة الدولية، إلا إنها في نفس الوقت تفرض نفسها كمشكلة ذات أهمية كبري تستدعي إن يكون لها مجالاً كبيرا ً في البحث عن حلول لها ؛ لكونها تمس سيادة دولاً عديدة ، تنص القوانين الدولية على حقوق وواجبات لجميع الأطراف التي تدخل ضمن إطار ظاهرة الهجرة  غير الشرعية ، فتحدد مالها من حقوق وما عليها من واجبات خصوصاً تلك القوانين التي ترتبط بحقوق الإنسان فقد قال عنها دافيد فورسايت : " حقوق الإنسان هي أعلي مثل قانوني "(3) .

      تشير المصادر والقوانين الدولية إلي العلاقة الوطيدة التي تجمع بين الهجرة كظاهرة إجتماعية ذات بعد إنساني وإحترام لحقوق الإنسان، فقد كانت مسألة الحماية الدولية مطروحة منذ عقود على الساحة الدولية هذه الحقوق قد أخذت بعداً عالمياً وآسعاً عريضاً، فمنذ أن صدر ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وقعت على هذا الميثاق جميع الدول بلا إستثناء، ثم صدرت ملاحق أخرى لها تهتم ببيان حقوق الإنسان الإجتماعية أو الإقتصادية أو الإعلامية أو التعليمية أو السياسية أو غيرها، وهي الأخرى حظيت بتأييد  من عدد كبير من دول العالم ، فمن أهم خصائص النظام العالمي المعاصر في الوقت الراهن " إن إنكار حقوق الإنسان قد يؤدي إلي أعمال عنف أو تدخل أجنبي مسلح(1) .
أولاً : الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالهجرة غير الشرعية :
     تضافرت جهود الأمم لإيجاد مرجعية فكرية وثقافية لحقوق الإنسان، لإرتباط حقوق الإنسان بتراثها، وشغلت قضية حقوق الإنسان حيزاً كبيراً عبر التاريخ لدى مختلف النظريات الفلسفية والسياسية، وتعاليم الأديان، فاصبحت الزاوية الأكثر وضوحاً في القانون الدولي فيما تداخلت عوامل كثيرة منذ القدم في عملية تطوير الحقوق والحريات والتي تدور في حقلها الحضارات رغم إن هذه الحضارات كانت تعلي من شأن السلطة الدينية على حساب حقوق الأفراد، وكانت تقوم على تقسيم الأفراد طبقاً لطبقات إجتماعية أو سياسية أو غيرها، ساهمت الديانات السماوية في تشكيل  الجذور الروحية لحقوق الإنسان
وإنضم إلى أنصار الحضارات القديمة والديانات السماوية أصحاب النظريات الفلسفية وغيرها من الجهود .

     دارت معظم النظرية والإطروحات القانونية حول فكرة أن الطبيعة هي الحجر الأساسي للحقوق ولصلاحية النظام القانوني للمجتمعات المنظمة وهذه الطبيعة تجعل كل البشر متساويين ومن أبرز مفكري نظرية القانون الطبيعي: شيشرون (106-43ق.م)(2) أما نظرية العقد الاجتماعي، فتعتبر إمتداداً لنظرية القانون الطبيعي وهي تقوم على فكرة العقد القائم على إتفاق الجماعة لإقامة نوع من التنظيم الذي يضمن لها الأمن والاستقرار، ومن أبرز مفكري هذه النظرية: توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو،إضافة للأفكار والإجتهادات التي وردت في الحضارات القديمة وتعاليم الأديان السماوية ونظريات الفلاسفة والمفكرين، فثمة مجموعة من المرجعيات القانونية يبدو إنها قد سبقت مرحلة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عليه يمكن الإشارة إلي أهم هذه الجهود في المراحل الأتية:
الشرع العظيم :
    صدر في بريطانيا الشرع العظيم (*) أصدرها الملك جون ابن الملك هنري الثاني ملك إنجلترا هذا العهد هو رمز سيادة الدستور على الملك وجاء فيها "لن يقبض على رجل حر              أو يسجن أو يشرد أو ينفى أو يقتل أو يحطم بأي وسيلة إلا بعد محاكمة قانونية من نظرائه       أو طبقاً لقوانين البلاد وكذلك لن نبيع رجلاً أو ننكر وجوده أو نظلمه"إحتوت المجنا كارتا على 63 مادة منها ما ينظم العلاقات بين الملك والبارونات ويكرس حقوق الإقطاعيين وحمايتهم من تدخل الملك ورجاله ومنها ما يتعلق بحريات دينية وتأمين إمتيازات الكنيسة ومنها ما ينص على حقوق وحريات سياسية ومدنية مختلفة .

عريضة الحقوق " Petition of Right "
  صدرت عام 1628 في إنجلترا وهي عريضة رفعها البرلمان للملك شارل الأول يذكره فيها بحقوق وحريات الشعب الإنجليزي وتأكد في العريضة عن مبدأين أساسيين: إحترام الحرية الشخصية وحفظها عن طريق منع التوقيف التعسفي بدون محاكمة وعدم فرض ضرائب جديدة بدون مراقبة البرلمان.

مذكرة الإيباس كوربس  " habeas corpus "
   صدرت عام 1679 والتي تعني "إليك جسدك" في إنجلترا لتأكيد حماية الحرية الشخصية من تعسف الإدارة وتتعلق الوثيقة أساساً بحقوق المتهم وعدم إعتقاله بصورة تعسفية كما تؤكد على قواعد وأصول المحاكمة العاجلة ومعاملة الموقوفين والسجناء .

شرعة الحقوق “ Bill of Right
    صدرت في إنجلترا وأكدت أنه ليس للملك سلطة إيقاف القوانين أو الإعفاء من تطبيقها وليس له فرض ضرائب من غير موافقة البرلمان ونصت على حق الرعايا في تقديم العرائض والإلتماسات للملك دون إن يترتب على ذلك نتائج معينة كالسجن أو الملاحقة كما جعلت الشرعة عملية إنتخاب أعضاء البرلمان تجرى بطريقة حرة ونصت على حصانة النائب بأن لا تحق ملاحقته عن كل ما يقوله ويكتبه أثناء الجلسات وأمام أي هيئة خارج إطار البرلمان نفسه.(1)

إعلان فيرجينيا 1776
    جاء نتيجة إستقلال ولاية فيرجينيا عن العرش البريطاني وكان له أهمية بالغة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وأكد الإعلان على الحرية الدينية بالإضافة إلى الحريات الشخصية والسياسية ومن أهمها المساواة وعدم التمييز بين المواطنين وحرية الإنتخابات وحق الملكية للمصلحة العامة والحق في حرية الرأي والتعبير وإلغاء العقوبات الجسيمة
إعلان الاستقلال 1776م صدر عقب إستقلال المستعمرات الأمريكية الثلاثة عشرعن بريطانيا وأكد الإعلان الحقوق الطبيعية والأساسية للإنسان ونص على " يولد جميع الناس أحراراً وقد وهب الناس حقوقاً لا يعقل أن يتخلى عنها من بين هذه الحقوق الحق في الحياة والحرية والبحث عن السعادة ويجب على الحكومات القائمة أن تعمل على ضمان هذه الحقوق وأن تمد سلطانها العادل من رضا المحكومين ومن حق الشعب إذا ما خلت الحكومة بهدف من هذه الأهداف أن يغيرها أو يلغيها ثم يقيم بدلاً منها حكومة يضع أسسها على مبادئ وينظم سلطانها بالصيغة التي تحقق له ا
لأمن والسعادة  .

شرعة الحقوق 1791:
  وهي عبارة عن عشرة تعديلات أدخلت على الدستور الأمريكي لعام 1791 وأهم هذه التعديلات:
- الحرية الدينية: فلا يحق للكونجرس إصدار قوانين تعرقل وجود أي دين أو يمنع حرية ممارسة الشعائر.
-حرية الرأي قولاً وكتابةً وحرية الصحافة والتجمع وتقديم العرائض والإلتماسات.
-حرمة الحياة الشخصية وضمانات المحاكمة العادلة وإلغاء العقوبات القاسية.

إعلان حقوق الإنسان والمواطن 1789:
 تجاوز إعلان حقوق الإنسان والمواطن حدود فرنسا وأخذ حقه عالمياً وهو يعبر عن أربعة مبادئ أساسية.
- يولد الناس ويظلون أحراراً متساويين في الحقوق.
- حرية الرأي والتعبير.
- حق المواطنين في إدارة بلادهم.
- التوازن بين حقوق الأفراد من جهة والمصلحة العامة من جهة أخرى(1).

     تواصلت جهود الدول والمفكرين في قضية حقوق الإنسان والهجرة حتي عهد عصبة الأمم ويتضح إنه لم يسبق صدور ميثاق الأمم المتحدة في عام 1948 م إهتمام دولي بقضية حقوق الإنسان ففي عهد عصبة الأمم لم تحظى قضية حقوق الإنسان بالإهتمام الكبير عدا إتفاقيات دولية في إطار منظمة العمل الدولية والإتفاقيات الدولية التي تحظر الرق ، وغيرها من الإتفاقيات التي نظمت قوانين الحرب مثل : إتفاقيات لاهاي وجنيف ، فعقب الحرب العالمية الثانية وما شاهدته البشرية من ويلات الحرب التي خلفت ورائها ملايين الضحايا بين قتلي ومصابين وجرحي ولاجئين وأسري ومهاجرين بسببها برزت الحاجة لصياغة قوانين ولوائح تنظم العالم ككل وفي جميع مجالات التعاون في العلاقات الدولية ، فلم تكن الهجرة بمعزل عن هذه القوانين حيث تعرضت
كثير من المواثيق الدولية للمسائل المتعلقة بالهجرة سواءً كانت شرعية أو غير شرعية وهي  :

أولاً : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
   يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مثالاً مشتركاً ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم فقد أصبح معياراً تقاس به درجة إحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتقييد بأحكامها والإعلان العالمي يعد قاعدة عرفية دولية تحترمها الدول وتعمل بموجبها ومن ثم فهو يتمتع بقوة قانونية و يمثل مركزاً أخلاقيا وأدبياً مرموقاً في تاريخ تطور الحريات                   

 العامة عبر الأجيال وهو عبارة عن وثيقة تتضافر فيها إرادة  دول العالم بغية تحقيق كرامة الإنسانية إذ يحمل الإعلان قوة معنوية إعتبارية بالرغم من الإختلافات الحضارية والأيديولوجية والدينية واللغوية الموجودة في العالم إستطاع هذا الإعلان أن يشكل مرجعاً يستطلع الرأي العام و يعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو الدليل بل المرشد الذي سار علي هديه المجتمع الدولي في صياغة الإتفاقيات الدولية التي صدرت بعد 10 ديسمبر 1948م وبعد هذا التاريخ فرغت لجنة حقوق الإنسان من صياغة الإتفاقيتان المكملتان للشرعية الدولية لحقوق الإنسان وهما إتفاقيتي :

- العهد الدولي الخاص بالحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافية الصادرفي عام 1966م.
- والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة 1976م(1) .
شمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي حقوق الإنسان بصورة عامة فمن أهم المواد التي ترتبط بالهجرة غير الشرعية مايلي :

   أولاً : أقرت المادة الأولي من الإعلان بالحقوق الأساسية لكل الفراد  " يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء" يتضح من خلال هذه المادة إن أول هذه الحقوق هي إن يعامل الفرد معاملة خاصة باعتباره إنسان أولاً وليس مجرماً .
   ثانياً : المادة الرابعة  " لايجوز إسترقاق أو إستعباد أي شخص، ويحظر الإسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما " تمنع هذه المادة ظاهرة إستغلال وإستعباد المهاجرين أو الإتجار بالبشر .
   ثالثاً : اشارت المادة الخامسة إلي عدم تعذيب المهاجرين بصورة قاسية " لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة " ، كما يتضح إن المادة الحادية عشر تنص ضرورة معرفة الموقف القانوني للمهاجر أولاً وهل تنطبق عليه لوائح الهجرة غير الشرعية  ؟ " كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه " (2).
  رابعاً : أجازت المادة الثالثة عشر حرية التحرك داخل دولته " لكل فرد حرية التنقل وإختيار محل إقامته داخل حدود الدولة " بينما أشارت الفقرة الثانية من نفس المادة  " يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه" ، تشير المادة الرابعة عشر " لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الإضطهاد " يتضح من خلال هذه المادة إنها أجازت مشروعية الهجرة في حالة تعرض الفرد للإضطهاد (3).

ثانياً : الإتفاقية الدولية لحماية حقوق  جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم
     تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1990م هذه الإتفاقية التي عالجت بإسهاب كافة حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم سواءً كانت حقوق إقتصادية أو إجتماعية أو ثقافية أو مدنية أو غيرها،  تقع الإتفاقية  في أكثر من تسعين مادة إلا أنها في المقابل لم تعالج بوضوح حقوق الفئة التي هي في وضع غير قانوني من العمال المهاجرين مع ضمان حد أدنى من الحماية لحقوقهم الأساسية وربما يفسر ذلك لحداثة هذه الظاهرة أو قلت الهجرة غير الشرعية في الفترة التي أبرمت فيها هذه الإتفاقية إضافة إلي ذلك جاء البرتوكول الخاص بالقضاء على تهرييب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو والملحق  بإتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على الإجرام المنظم العابر للحدود سنة 2000م ، والذي تعرض لمسؤولية المهاجرين الجنائية وجرم أعمال تهرييب المهاجرين، ففيما يتصل بإسهامات هذه الإتفاقية تجاه الهجرة غير الشرعية يمكن الإشارة إلي الأتي :
-      أكدت الإتفافية علي مبدأ حماية حقوق الإنسان .
-      تؤكد علي أهمية معاملة العمال المهاجرين بصورة لا تقل عن  حقوق العمال في التشريعات الوطنية .
-      تؤكد الإتفاقية بإن حقوق العمال يجب ان تًصان حتي وإن كان المهاجر غير شرعي.
-      أقرت الإتفاقية حق المهاجرين وأسرهم في الرعايا والضمان الإجتماعي حتي إن كانوا في وضع غير قانوني .
-      تطلب الإتفاقية من الدول ضرورة مشاركة وإستشارت المهاجرين في وضع القوانين واللوائح بصورة تحسن من أوضاعهم العامة .
-      أقرت الإتفاقية بحقوق سياسية وثقافية وتعليمية للمهاجريين .(1)

 ثالثاً : برتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو
   جاء هذا البروتوكول إضافة إلى بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال مكملين لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة وقد تم التوقيع والتصديق على بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 25 في الدورة الخامسة والخمسين بتاريخ 10نوفمبر 2000 ، ويهدف القانون إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الهجرة الدولية والتنمية من أجل معالجة الأسباب الجذرية للهجرة وبخاصة ما يتصل منها بالفقر ، كما يهدف البرتوكول إلى تحقيق أقصى حد من فوائد الهجرة الدولية بمن يعنيهم الأمر ويركز القانون على ضرورة معاملة المهاجرين معاملة إنسانية وحماية حقوقهم الإنسانية حماية تامة ومحاربة أنشطة الجماعات الإجرامية المنظمة في مجال تهريب المهاجرين وسائر الأنشطة الإجرامية ذات الصلة الموضحة في البروتوكول(2) .
وأهم ما جاء في الأحكام العامة التي إشتملت علي ستة  مواد رئيسية هي :
-      مسؤولية المهاجرين الجنائية التي تعرضت لها المادة "5" من البرتوكول: "لا يصبح المهاجرون عرضة للملاحقة الجنائية بمقتضى هذا البرتوكول من جراء كونهم هدفًا للسلوك المبين في المادة " 6 "من هذا البرتوكول.
-      التجريم في المادة " 6"  تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى ؛ لتجريم الأفعال التالية في حال إرتكابها عمدًا ومن أجل الحصول بصورة مباشرة أوغير مباشرة على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى:
-      تهريب المهاجرين.
-      القيام بغرض تسهيل الهجرة بإعداد وثيقة سفر أو هوية مزورة.
-      تدبير الحصول على وثيقة من هذا القبيل أو توفيرها أو حيازتها.
-      تمكين شخص، ليس مواطنًا أو مقيمًا دائمًا في الدولة المعنية، من البقاء فيها دون التقيد بالشروط اللازمة للبقاء المشروع في تلك الدولة، وذلك باستخدام الوسائل غير المشروعة(1) .

رابعاً : حقوق الإنسان المهاجر
   إعتمدت منظمة الأمم المتحدة في الجلسة الثانية والعشرون لعام 2008 م ميثاق أخر جديد سمي بحقوق الإنسان المهاجر إحتوي علي عُدة حقوق للمهاجرين بصورة عامة فأكد من جديد الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي هذا الصدد يشير إلي الأتي :
(أ) يدين بشدة مظاهر وأعمال العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب ضد المهاجرين، والقوالب النمطية التي تُلصق بهم في كثير من الأحيان، ويحث الدول على تطبيق القوانين القائمة عند حدوث أفعال أو مظاهر أو استخدام عبارات ضد المهاجرين تدل علي كره الأجانب أو التعصب ضد المهاجرين، وذلك بغية إستئصال ظاهرة إفلات من يرتكبون الأفعال التي تدل علي كره الأجانب والعنصرية من العقاب .
 (ب)  يطلب من الدول إن تقوم على نحو فعال بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المهاجرين، ولا سيما حقوق النساء والأطفال، بصرف النظر عن وضعهم من حيث الهجرة، طبقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصكوك الدولية التي هي طرف فيها.(2)
(ج) يعرب عن القلـق إزاء ما إعتمدته بعض الدول من تشريعات وإتخذته من تدابير يمكن أن تقيد حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمهاجرين، ويؤكد من جديد أن على الدول، عند ممارستها حقها السيادي في سن وإنفاذ التدابير التي تتعلق بالهجرة وبأمن حدودها، وأجب التقيد بإلتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكفالة الإحترام التام لحقوق الإنسان للمهاجرين .
(د) يهيب بالدول أن تراعي تشريعاتها الوطنية والصكوك القانونية الدولية الواجبة التطبيق التي هي طرف فيها عندما تقوم بوضع تدابير أمنها الوطني، وذلك من أجل إحترام حقوق الإنسان المتعلقة بالمهاجرين.
(ه‍( يحيط علماً بالإجراءات التي إتخذتها العديد من الإجراءات الخاصة التابعة للمجلس إزاء القيام بفعالية بمنع إنتهاكات حقوق الإنسان للمهاجرين، بطرق منها إصدار بيانات مشتركة، ويشجع هذه الإجراءات الخاصة على مواصلة جهودها المشتركة بغية بلوغ هذه الغاية في إطار الولاية المسندة لكل منها.
(و) يهيب بالدول التي لم توقع وتصدق على الإتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم أو لم تنضم إليها أن تنظر في القيام بذلك على سبيل الأولوية، ويطلب إلى الأمين العام مواصلة بذل جهوده في سبيل تعزيز الإتفاقية والتوعية بها(1) .
     أخذت ظاهرة الهجرة غير القانونية أبعاداً خطيرة بعد ظهور شبكات منظمة للجريمة وسط المهاجرين غير الشرعيين مما يتطلب تكثيف الجهود بين دول الإرسال والعبور والإستقبال للمهاجرين غير الشرعيين ، مع تحمل مسؤولية إتخاذ تدابير مشتركة وغير إنفرادية ، من أجل إيجاد الحلول الملائمة لهذه المشكلات  دون تباطؤ، إن الحلول الجزئية أصبحت غير فعالة و رغم أن المعالجة الأمنية ساهمت في تخفيض عدد المهاجرين غير القانونيين إلا أنها لم تعد وحدها كافية نظراً لمحدوديتها ، و أصبح من الضروري محاولة إيجاد التوافق بين البعد الأمني وسياسة التنمية ، وإتخاذ تدابير جماعية من أجل تحقيق نمو إقتصادي وإجتماعي للبلدان المرسلة للمهاجرين عن طريق معالجة الأسباب العميقة و الحقيقية لهذه الهجرة غير القانونية.

   يبدو إن الأسباب العميقة لمشاكل الهجرة ؛ ترجع أساساً إلى تباين مستويات التنمية بين مختلف بلدان العالم وبين مختلف الأقاليم داخل الدولة الواحدة ، ذلك لأن مستوى إزدهار الدول المتقدمة يغري المهاجرين القادمين من البلدان الأقل نمواً إلى الهجرة غير القانونية تشير المصادر إلي إن كثير من الدول قد إهتمت بظاهرة الهجرة غير الشرعية مثل الدول العربية والإسلامية فهنا يمكن الإشارة إلي جهود هذه الدول في الإتفاقيات الأتية :
أولاً : مشروع حقوق الإنسان ووأجباته في الإسلام ؛ نشرته رابطة العالم الإسلامي عام 1979 م .
ثانياً : البيان الإسلامي العالمي ؛ نشره المجلس الإسلامي الأوروبي في لندن عام 1982 م
ثالثاً:مشروع وثيقة حقوق الإنسان في الإسلام ؛ أعدته منظمة المؤتمر الإسلامي1989م (2)




جدول رقم ( 1 ـ 2 )
إتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان

الإتفاقية
تاريخ الاعتماد
تاريخ الدخول حيز التنفيذ
آلية  المتابعة
إتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري
21 / 12/ 1965
4 / 1 / 1969
لجنة القضاء على التمييز العنصري
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
16/ 12 / 1966
23 / 3 / 1976
اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية
16/ 12 / 1966
13 / 1 / 1976
اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية
الإتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها
30 / 11/ 1973
18 / 7 / 1976
الفريق الثلاثي لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها
إتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة
18 / 12/ 1979
3 / 9 / 1981
لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة
إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللا إنسانية او المهينة
10 / 12/ 1984
3 / 9 / 1987
لجنة مناهضة التعذيب
إتفاقية حقوق الطفل
20 / 11/ 1989
2 / 9 / 1990
لجنة حقوق الطفل
الإتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الالعاب الرياضية
10 / 12/ 1985
3 / 4 / 1988
لجنة مناهضة الفصل العنصري في الالعاب
الإتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم
18 / 12/ 1990
1 / 7 / 2003
لجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم
الإتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري
20/ 12 / 2006
24/ 12/ 2010
اللجنة المعنية بحالات الإختفاء القسري
إتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة
13 / 12 / 2006
30 / 3 / 2007
اللجنة المعنية بحقوق ذوي الاعاقة

المصدر : الأمم المتحدة ، آلية إعداد تقارير المعاهدات الدولية لحقوق الانسان، "المبادئ التوجيهية لتقديم التقارير الدورية لإتفاقيات حقوق الإنسان " 2010م ، ص 2 .


* عمر يحي أحمد 
* باحث ومتخصص في دراسات الهجرة / جامعة الزعيم الأزهري كلية العلوم السياسية والدراسات الأستراتيجية  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق